Thursday, March 22, 2007

الزهرة الزرقاء



لتخليد شادي الوسيمي
Perpetuation to Shady
صلّى
صلّيت
حيّي
أديت التحية
وسمعت صراخاً يعلن أنه الموت
جاء الموت يرتدي عباءة سوداء
يحمل مشعلاً في يده الغليظة
متعطش للدماء
يسير بلا هدى
يتخبط بعين عمياء
رأيت رجالاً ونساءً يبكون
رأيت نيراناً تزحف بدهاء
كثعلب يتربص بأسدٍ
تربص الخائن بالشرفاء
ناديت عليه من بين الجمع
حاولت إنقاذه
لم يستمع للنداء
مر بي رجالٌ يشتعلون
ونساءٌ بلا أثداء
دوت أصوات الموت
أصوات النيران تحاصرني
وتأكل الزهرة الزرقاء
كان يتحرك في المكان كقائد
ينقذ أطفالاً..ويُجمِّع أشلاء
يحمي نساءً بجسده
كان يحترف الفداء
شعره ينتصب
ألا أن النيران أجبرته على أن يتهاوى
أبكى السماء
شادي
كثيف الشعر
وجهه كأقمار الليل البيضاء
لاحظته ينظر إلي من بين أقدام النيران
انحنيت لأراه
قلت له:
أي صديقي
تذكر أنك ستموت ميتة سوداء
بحثت عن من يساعدنا
صرخت في الناس
أطرقوا في حياء
نادوا الرجال..عربات الإطفاء
احترقت قدماه مثل القش
أو الحطب الهش المهراء
سقط على وجهه
أبكيت السماء
تمدد ونام للأبد
اندفعت تجاهه..ولكني مُنِعت
حوصرت كحصارهِ من قبل
حصار الزهرة الزرقاء

أي شادي
ما أعظمه رجل في الحياة
ما أشهمه مع الأصدقاء
ما أشده في المعترك
ما أجمله بين العظماء
ما أهيبه مع نيران الموت
بيد أنه تمدد ونام للأبد
دمه يسيل منشداً
مردداً أعذب غناء
يموت مستبسلاً
يطير بلا روح في الأجواء
قل لليل أن يأتي
لأني لا أريد أن أرى دم شادي فوق الأرض

قل لليل أن يأتي
أو أرسل للماء
كي يأتي إلينا..ليطفئ تلك النار
وليغسل تلك الدماء
لا أريد أن أرى جسده بلا روح
لا أريد أن أرى صدره بلا هواء
قل لليل أن يأتي
لأني لا أريد أن أرى دماء

سيذكر التاريخ قرية صغيرة بين قرى الجنوب
شيع ملائكتها روحه إلى السماء
وها هو شادي قد نام إلى الأبد
من كان يصدق أن القمر الثاني قد مات؟

نسى القوم شادي
واكتفوا بالبكاء
نسوا أنه مات لشهامته
وألغوه من الأحياء
كان سيكون الآن بينهم على وجه الأرض
لو كان مثلهم صامتاً
أو كان من الجبناء
من كان يصدق أن القمر الثاني قد مات؟

يا من تبكون شادي
إنه القمر الثاني
فكفكفوا أعينكم من الدماء

امتنعوا عن سكب العبرات
وامتنعوا عن البكاء
مازال شادي حياً
من كان يصدق أن القمر الثاني قد مات؟

القمر الأول ها هنا
ينحني للزهرة الزرقاء
إنه شادي..لا يزال حياً
طالما أنتم أحياء
ما زال حياً
يضحك لنا من السماء
لا زال حياً
طالما نحن سعداء
نذكره مع شمس الفجر
وحينما يأتي المساء
لا يزال يضحك ويغني
ويرسل لنا إهداء
طالما نحن نذكره
لماذا نلغيه من الأحياء؟

إنه القمر الثاني
رحل عنا وضاّء
لازال شادي حياً
طالما أبكى السماء
ترونه في ضحكة العصافير
في البحر..وفي شعر الشعراء
مع الصيف حين يأتي
وفوق الثلج مع الشتاء
في حمرة الزهر في الربيع
وأوراق الشجر الخضراء
في طعامكم صباحاً
وحين تتناولون العشاء
سيظل حياً..فهو فتى شهيد
له منزلة الأنبياء
من قال أن القمر الثاني قد مات؟

أصبحت بعده عليل
حوصرت كحصاره
وسقطت إلى جواره
وعرفت أني قتيل
فَتشوا عنا بين النيران
وبين أجساد الأحباء
حملوا هياكل عظمية
نزعوا أسنانها الذهبية
وسألوا عنا الأحياء
سألوا عنا كل ذي دم
وسألوا عنا الغرباء
نادوا علينا بأعلى الصوت
لم يسمعوا غير الأصداء
ولم يجدونا

يا من بكيتم شادي
لا تبحثوا عنا بين الأشلاء
فما الإنسان منا جسداً
أو مجموعة أعضاء
إن الإنسان لذكرى حلوة تتردد
على ألسنة الأقوياء
تذكرونا..لا تصمتوا
لا تتركونا نضيع هباء

يا من بكيتم شادي
لا تبحثوا عنا بين الأشلاء
يسقط الرجال ويقومون كأوراق الخريف
ولا يبقى منهم غير الأسماء

يكفي أن تقولوا أننا عشنا في عصر د/محسن
وتحدثنا مع محمد
ويكفي
أننا مِتنا مع العظماء

لا تبحثوا عنا
فلا يزال شادي حياً
ولازلت حياً
طالما تَذكْروننا
وطالما أنتم أحياء


16 comments:

حواء said...

أبراهيم
فما الأنسان منا جسدا
او مجموعة اعضاء
رائع البوست ياإبراهيموالصور المرفقة رائعة جدا ودى تانى مرة ازور مدونتك
بس استشفيت فيك الوفاء والاخلاص
ارق تحياتى

إبراهيم محسن said...

حواء

بجد انا اتشرفت وجودك في مدونتي
انتي أول واحدة تعلقي وده شرف ليه
انا اعرفك من زمان حواء من أيام حوار آدم وحواء بس للأسف معلقتش عندك بس تتعوض
الوفاء والإخلاص حتة واحدة.. ده كلام كبير

شكراً لمشاركتك في تخليد شادي

محض روح said...

بجد مش عرفه اقول ايه
بس الى كتبه اكبر من انى اعلق عليه
تحفه كم احاسيس رقيقه وراقيه جدا
وحاسسك باصحابك يستحق التحيه
صعب تلاقى حد عنه كميه الوفاء ديه
دلوقتى
أرق تحياتى
وربنا يوفقك

Ayyam said...

واضح أنك إنسان ذو حس وإخلاص لكن لاتدع الحزن واليأس أن يكون لهما اليد العليا مهما كانت المصائب ...أذكر أنى فقدت صديقاًفى حادث سيارة_كان عمره14 عاماً...عم الحزن وقتها كل أصدقاءه وكنا صغاراً لانفهم معنى الموت ولكننا تعاهدنا أن نحيى ذكراه بممارسه كل رياضه أحبها وذكر كل مواقفه الحلوه حتى نكانه وضحكاته ومشيته...مرت الايام وكعاده الدنيا أفترقنا فى بلاد الله.. مع الوقت خفت الأحزان وكل اللى فضل معانا ذكراه وصورته ومواقفه النبيله....من غريب الأطوار أننا قبل رحيله بعامين قمنا بعمل مسرحيه كان هو بطلها حيث قام بدور الجندى المجهول الذى أحب بلده وأهلها حب كاملاً لم تنقصه أستكانتهم ورضوخهم لذل ومهانه المعتدى..فى النهايه أستشهد فى الحرب دفاعاً عنهم وبعده ولد ألاف مثله وأخرجوا كل القوى الشريره وهكذا توقفت بنا ذكراه لتمثل كل شيئ أحببناه فى مصر..والحب فى الصغر شيئ رائع يكون محفوراً فى القلوب
لن تنساه مهما مرت بك الأيام
لك كل تحيه وسلام

sorry there is a typo in the title: it should be "Perpetuation to Shady" ..

بعدك على بالى said...

انا اسفة يبدو كلامى اتفهم غلط، انا مجتش اعذيك.. انا بس كلامك وجعنى يمكن لانه لمس على اشياء عندى، احساسك بالافتقاد قدرت تعبر عنه، يمكن انا مقدرتش اعبر بالصورة اللى تريحنى رغم كل اللى عملته علشان اللى فقدتهم ولسه جوايا محفورين وحاسه انى لسه ماوفتهمش حقهم...

شادى حيفضل حى جواك وجوه كل اللى حبوه... الاجمل من شعرك صدق كلامك ووفاءك... المعنى اللى بقى نادر جدا فى الزمن ده...

تحياتى لك

david santos said...

Hello!
I don`t speak Arabic. We can make words with letters and with the words we can make sentences.
You work is very good. thank you
InsyaAllah

smraa alnil said...

ابراهيم

الصور خدتني في عالم تاني
عشت كل لحظة في قصيدتك
بجد رائعه جدا
وبجد مش في كلام يتقال علي اللي انت كاتبه
واي تعليق لا يضاهي حرف واحد من اللي انت كاتبه





علي الهامش بقي

الراجل اللي اسمه ديفيد دة مش سايب مدونة الا وراشق نفسه فيها واقطع دراعي ان كان فاهم حاجة

shahrzad_storry teller said...

شادي مش حيموت طول ما هو في قلوب ناس بتحبه كده

إبراهيم محسن said...

كلامك جميل والله وبيحرجني مش لاقي رد يناسبه.. لو جمعت كل المعاني والكلمات الجميلة مش هعرف أصوغ كلمات شكر ليكي ولكلامك
الوفاء موجود طول ما الانسان موجود

شكراً بجد وكلامك اسعدني كتير

إبراهيم محسن said...

Ayyam
استاذي مفيش حزن أو يأس الموضوع خلاص بقى مجرد ذكريات منها اللذيذ ومنها الأليم.. وربنا يخليك بجد اهتمامك أسعدني

كلامك عن صديقك بيفكرني بشادي.. ويظهر فعلاً إن كلام الناس الكبار طلع صح كالعادة.. ان الناس دول ولاد موتة.. اتولدوا للموت

كلام شادي كتير عن الناس وآلامهم.. كلامه عن الموت.. كلامه عن الرحيل..يدل على انه كان ابن موته

لن ننسى من أحببني ولن ينسى كل من أحب

تحيتي الحقيقية لك ونورتني

الغلطة اتصلحت وشكراً

إبراهيم محسن said...

بعدك على بالي

أنا بشكرك أولاً لاهتمامك بتصحيح ادراكي لكلامك
جميل ان كلامي لمس حاجه جواكي.. دي الغاية اللي بتمناها من كلماتي إنها تلمس قلوب الناس

سيظل الوفاء حياً طالما قلوبنا حية
نورتيني والله وكلامك متعرفيش اسعدني قد إيه
اتمنى مروك دايماً
سلام

إبراهيم محسن said...

Mr.David
Thank u.. u can understand my words with ur sensibility..
Thanx

إبراهيم محسن said...

سمراء النيل
شكراً لكلامك يا سمرا.. الكلام ده كبير عليه قوي.. اتفضلي الصور

مستر ديفيد يا ستي بيحاول يعقد صداقات عربية.. عاوز يعرف يا ستي آراء الشارع العربي فيما يحدث لهم

ما علينا نفضيله هو أساساً ميعرفش غير كلمتين عربي

هذا عمل جيد جداً جداً..شكراً

بس هم دول

سلام يا سمرا

إبراهيم محسن said...

شهرزاد

إزيك يا شهرزاد وإزي حكاياتك؟

شكراً بجد لكلامك.. أنا بحاول أرجع ابتسامة شادي للحياه

سلام

الدبور said...

كثعلب يتربص بأسدٍ
تربص الخائن بالشرفاء

اكتر بيتين عجبوني جدا في القصيده
بس كده علي كلامك انت الدنيا بقت تمشي بضهرها و الفرخه اكلت بيضها
و لا ايه يا ابو خليل

تحيات
الدبور

إبراهيم محسن said...

يااااااااااه مسيو اسامة الدبور في مدونتي المتواضعة.. ايه النور ده.. كده كتير عليه؟

فينك يا كبير والله واحشني بجد.. انا زعلان لأنك متوقف عن التدوين.. يا عمنا احنا لسه بدأنا علشان نتوقف؟؟

اتفضل البيتين ليك يا مسيو ميغلوش عليك

والله بعد اللي حصل لأصحابي كان الكلام خارج مني كده.. حسيت انهم اتاخدوا على خوانة.. الموت جالهم من ضهرهم وهم لسه بيقولوا للدنيا انتي فين؟
الموت جالهم على خوانة تمام الدنيا مشيت بضهرها وأكلت شباب صغيرين

تحياتي يا مسيو واتمنى عودة قريباً

سلام