Wednesday, March 4, 2009

الخائن الأول


لم أكن بعد قد إتخذت قراري الرابع ، لم تكن الصورة قد اكتملت بعد في ذهني ، فمفهوم الخيانة مهما تصورنا أننا قد استوعبناه ، فإنه يظل غامضاً .. متجدداً
كنت حديث الإلتحاق بالجيش لآداء الخدمة العسكرية ، كنت في فترة التدريب ، البداية ، إختمرت في ذهني الكثير من المعاني الموحية والخيالية ، لا بأس من تدريب عقلي أيضاً

كان مفهوم الخيانة في الجيش محدوداً ومختلفاً في ذات الوقت ، كان ينحصر عند القادة في "عدم خيانة الأمانة" أياً يكن مسمى الأمانة سواء كانت الوطن أو الغير

أما على مستوى الجنود فكان معنى الخيانة ينحصر في جملة رأيتها كثيراً مكتوبة على الجدران "كلب يحرسك ولا صاحب يحبسك" كان الجميع في حذر دائم

ذات ليلة باردة جداً ، في وقت متأخر من المفترض أن يكون الجميع نائماً ، كنت أجلس مع أحد زملاء العنبر في سريره ، كنا نطلق عليه اسم "الكابتن" ، كنا نتحدث وندخن فقط

دار الحديث عن كل شئ مدني ، الحياه والدفئ ، الأصدقاء ، كل شئ ، حدثني كثيراً عن خطيبته "رحاب" ، ذكر أنها جميلة ، كان يفتقدها كثيراً ، كان ينتظر اليوم الذي يرجع فيه إليها مدنياً ، كان يحلم بليلة زفافهما ، وفي الصباح أراني صورتهما معاً ، كانت جميلة فعلا

كانت مثل هذه الأحاديث المسائية تتكرر عامة ، كنت أعشق السهر ، لذا ستر الليل الكثير من الحكايات للكثير من الأشخاص ، كلها مختلفة ولكنها تتشابه في شئ واحد .. أنها مدنية

ذات مساء ممطر ، كان المكان بارد جدا ، ولكن هذا لم يمنعني من السهر ، أنا وثلاثة من الزملاء ، تحدثنا وتحدثنا ، ودار الحديث بعض الوقت عن العلاقات الخاصة ، وتحدث أحدهم عن فتاة جميلة يرافقها ، يعبث ، يمرح معها ، ذكر أنها مخطوبة ، لمته على مرافقة فتاه تخص آخر ، فأجابني "أنا حبيبها وهو خطيبها وهي حرة" منطق غريب

تحدث عنها وأطال الحديث ، ثم أخرج صورة لها ، تأملت الصورة ، كانت فتاة جميلة ولكني تذكرت أنني رأيتها من قبل .. ولكن التفصيلات أبت أن تستيقظ .. سألته عن اسمها فأجابني "رحاب" لم أزد بأي كلمة ، وبدأ المفهوم يتضح أكثر في ذهني واقتربت أكثر من قراري الرابع "أنني الخائن الأول" وكفى
-----------------------------
حكاية حقيقية وشخصية ولا يوجد تفسير